على غلاف المجموعة عمل فني يظهر لي انتماءه إلى مدرسة(الفن التكعبية) ، ويعبر ضفتي الرسمة جسر إخضر يحمل عنوان المجموعة واسم مؤلفته ، ويدل اللون الأخضر على السعادة والفرح والسلام .”بانتظار النهار”مجموعة قصص قصيرة صادرة عن دار أثر للنشر والتوزيع،بطبعتها الأولى عام(2018م) .
من جبال النظريات النقدية الكريمة، نُحتت لنا قطع قصصية قصيرة تحفًا فنية متنوعة، ثمينة، فاخرة، عددها أربع عشرة قصة أسماؤها: سبعة، الزومبي، اعتراف أبيض، نيران صديقة!، الكلمة الأخيرة، رأس الأنثى، الراوي العليم، يرحلون شتاء، مذكرات يوم لم يولد بعد، لقاح، مسؤولية!، ظلال باهتة، #عشرولوجيا_ أمُّ الحَمام .
القراءة في مجموعة “بانتظار النهار” نظرات فلسفية عميقة جداً، مفارقات مفاجئة، جزء من القصص تطغى عليها الأحزان بشكل جلي، نتج عنها الكثير من الحكمة. ” تراجيديا: المأساة هي شكل من العمل الفني الدرامي يهدف إلى تصوير مأساة قد تكون مبنية على قصة تاريخية، أصل الكلمة هو من اليونانية الكلاسيكية” ويكيب من استخدمتها، ووردت في الكلمة الأخيرة تحديداً بهذا المقطع بشكل مباشر .
ذات مساء لاحظتْ زوجتُه شيئاً من تبدلِ مزاجِهْ فأفشى لها هذا الخاطر الذي يزوره حينا بعد حين. وبذكاء طبيعيْ استغلت هذا في تعزيزِ التفاؤلِ الذي يخففُ من قلقِه،ويذيب توتَره من نهايته التراجيدية.(ص21) . التقنية البريختية التي وظفت في الزومي، تحديداً ، خروج بعض الشخصيات من أدوارها مثل الحوار ، سبب هذا الخروج هامشية الشخصية، و تأثره بالحدث وقول رأيه بشكل ردة فعل.
تقول مؤلفة الكتاب الذي نتحدث عنه في هذه المساحة للدكتورة نوال السويلم في إحدى تغريداتها”هناك فرق بين عرض كتاب ونقده”.
في هذه القراءة نعرضها في باقتها الإبداعية مختلفة التجارب المتماسة مع النقد في أحيان نشير إلى قوة وقع قصة أمِّ الحمام من النظرة الأولى التي وجدتها في النظرة الثانية في الغلاف الأخير .
مقتطفات من ”نيران صديقة! ” ”جمعهما المكان والزمان منذ سنوات الدراسة الجامعية، وقلّما يوجد أحدهما في مكان دون الآخر؛ فهما معا جسدٌ واحد ص (16) . يرحلون شتاءً ”كانت عربة سعادة أول نقطة اتفاق قبل ولوج المقهى الذي نكتب فيه أسئلتنا البريئة؛ ولأن آخر إحساس يصحبنا على عتبه الخروج هو السعادة أسمينا مقهى سعاد!” ص (30) .
أخيراً الراوي العليم؛ إذ يتضح من العنوان اختيار أشهر الأصوات الروائية
- أنت غريب في هذه المدينة؟ ويبدو أنك أقمت فيها اليوم.
- نعم، كيف عرفت؟
- وجهي مألوف في هذه الحافلة، لا أحد يجالسني فيها إلا غريب
- لم يتحاشاك الناس؟
- لأني أعريهم! “
ص (27) .صفات شخصيات العمل الأدبي، منها: المهمش، المقهور، الساذج، المخلص، القلق، المتأمل، الغريب، البريء، البار، الواقعي، الحزين، وهي أجمل ما ظفرت به من المجموعات القصصية التي توازي في جمالها مجموعات من القصص القصيرة جداً ، تسلسل أحداث القصة يبدأ من الأعلى كمُثل عُليا، وتنزل تدريجياً على أرض الواقع، تندمج في أحداث الحياة بسرعة متزنة ، والمجموعة القصصية من حجم صغير يحتوي على (64) صفحة من القطع المتوسطة ، بعض القصص تختم بخلاصة ،أو حكموأمثال ،أو مفارقة ، ومثل الخلاصة : ” هل الإدمان على تعاطي مضاد القلق والتوتر يسبب الوفاة”؟ ص(22) ، وعلى المثال : ”الذي لايعجبه هذا اللقاح ليشرب من ماء البحر أيضاً!”
ص (41) . أجادت القاصة في عملها القصصي كما سابق أعمالها النقدية الرصينة، وجمعت بينها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق