السبت، 19 أكتوبر 2019

لاستشفاء بالشعر



الاستشفاء بالشعر
فاتحة:
(نؤمن بالعلاج بالقرآن الكريم وهو شفاء لمافي الصدور)
_____

أما العلاج بالشعر ففكرة غريبة !!
الشعر وسيلة من وسائل الاستشفاء ، فالشعراء حين يفضون ويبوحون بلواعجهم ويفرغون شجنهم يتخلصون من تراكمات وأدواء أقلقتهم ، وبعد النفث تسكن النفس ويستقر الخاطر . وقد أحس الشعراء أنفسهم بان الشعر متنفس و علاج وعبروا عن هذا المعنى في شعرهم ففي تراثنا العربي القديم أقوال مأثورة كثيرة ترى الشعر وسيلة تنفيس وملجأ لطرح الهموم
فقيس بن الملوح يقول :
فما أشرف الأيفاع إلا صبابة
ولا أنشد الأشعار إلا تداويا
ومن المعاصرين يقول عبدالله الوشمي :
كيف تغدو القصيدة ساحرة ً
تنفث الوجع المستقر بأعماقنا للحروف (1)
ويقول أيضا : كيف تهمي القصيدةُ
شيء ينوس على القلب ،
جرحٌ أعالجه بالقصائد نفطم أحزاننا بالحروف (2)
فالشعر طرح للهموم وإفضاء وبوح وكشف والنماذج على هذا المعنى كثيرة وعن صلة الشعر بعلاج النفس الإنسانية ، يعد أرسطو أول من التفت إلى أثرالأدب في الاستشفاء ففي معرض تعريفه للتراجيديا قال مبينا الغاية منها ( ... أن تثيرعاطفتي الخوف و الشفقة ممايؤدي إلى التطهير ) (3) والتطهير هو من أعقد المصطلحات الأرسطية ،وقد خضع لعدة تفسيرات ، وهو في أبسط معناه يعني تخليص المشاهد من الضعف العاطفي فيصبح أكثرصحة وسلامة من الناحية النفسية بعد انتهاء العرض المأساوي .
ترى هل من الممكن تطبيق هذا الكلام النظري ؟؟ هل الشعر دواء ؟؟!!
للكلمة سحرها ومفعولها الخاص في التأثير ووقعها البالغ على المتلقي وإذا كانت الكلمات قريبة من النفس سكنت إليها وتفاعلت معها أو بتعبير آخرلامست الجرح وعبرت عن المكنون!! وعندها يكون الشاعر قد نجح في كسب تعاطف المتلقي معه واجتذابه إلى عالمه الخاص واستثارته عاطفيا . ومن هذه الاستثارة نبتت فكرة العلاج بالشعر ! هذه الفكرة طبقت عمليا في نيويورك منذ سنوات عدة حيث أسس فيها (مركزالعلاج الشعري ) وهو يقوم على فكرة الوعي بقيمةالشعر ودوره في معالجة النفس الإنسانية بحيث تعقد جلسات شعرية يقرأفيها الطبيب عدة قصائد مختارة بعناية بصوت مرتفع مركزا على مقاطع ستكون محل المناقشة ، وينبغي ألا تكون القصائد صعبة بحيث لاتفهم ، لأن هذا سيبدد معظم تأثيرها وفاعليتها فمهمة الطبيب المعالج ليس شرح القصيدة وتفسيرها أو تمرين القدرات العقلية وإعطاء دروس منهجية في فهم الشعر، إن مهمته هي إيقاظ الفكرة العاطفية والشعورية للقصيدة ويتم استهواء المريض إلى عالم القصيدة بحيث توقظ فيه تجارب وذكريات وتداعيات و أحاسيس من مخزونه الخاص ويستخدم الشعر لتحقيق التوازن والتوافق والتكيف ، وجعل الاضطرابات العاطفية أكثرسهولة في التحمل ، ولمساعدة المرضى على اكتشاف مشاعرهم ، وقد يكون عونا لمن يحتاجون إلى شجاعة أو يشعرون بالضياع والانسحاق والغرق والأرق والذين هم في حالة حب ولابد أن أنهم سيفارقون أحبابهم في يوم ما والذين هم في حالة غضب وإحباط والذين هم يائسون قلقون قانطون والذين يشعرون بتقدمهم في العمر .. وهكذا (4)
إن هذه الفكرة مع غرابتها تسهم في تفعيل دور الشعر وإحيائه وإيقاظ النفوس به هو علاج ناجح حين تكون النفوس مرهفة شفافة شاعرة بالإحساس ! في هذه الحالة ستباع الدواوين جنبا إلى جنب مع الأدوية
وأظن أن
الكبد وصفته ديوان صلاح عبدالصبور ( لأنه يقول وكبده تحترق)🙂

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التشظي في شعر بشرى البستاني جدل الذات والعالم.pdf

التشظي في شعر بشرى البستاني جدل الذات والعالم.pdf دراسة نقدية